آخر الأحداث والمستجدات
عندما يعم الفساد تصبح النزاهة استثناء !
خبران مرا بشكل سريع في صحافتنا دون الوقوف على مدى دلالتهما ولا الدروس التي يجب استخلاصها منهما، خاصة أن فئة من صحافتنا هذه الأيام أصبحت متخصصة في قراءة ما وراء السطور وتحليل النوايا لاستنباط الرسائل «الخطيرة» الموجهة للشعب!!
وقائع هذين الخبرين متحدة في الموضوع وإن كانت هناك اختلافات من حيث الشكل وبعض تفاصيل قصتهما، كما أنهما نقلا «حدثا» عكس ما اعتدنا الترويج له حول السلوكات المشينة لبعض رجال الأمن على الطرقات أو في بعض الدوائر الأمنية.
الأمر هنا يتعلق بأربعة رجال أمن، اثنان منهما ينتميان إلى أمن مكناس والباقيان إلى أمن مراكش، أما الوقائع فتتلخص في رفض الأربعة رشوة قدمت لهم من طرف أشخاص تم اعتقالهم في ظروف مختلفة. القضية الأولى تتعلق بعملية بيع كميات كبيرة من اللحوم الفاسدة بمكناس، كان الممكن التستر عنها لتصل إلى بطون المئات من المواطنين ويعلم الله بعد ذلك كيف ستكون العاقبة.
أما القضية الثانية، فتتعلق بإلقاء القبض على مروج للمخدرات بمراكش، وقبل نقله إلى مقر الأمن، شرع في مفاوضة رجلي الأمن من أجل الإفراج عنه، لكنهما رفضا أيضا وقاما بعملهما في إحالته على المصالح الأمنية المختصة للتحقيق معه.
قيام رجال الأمن المذكورين بعملهم بشكل نزيه دون الرضوخ للإغراءات المالية في وقت كان من الممكن أن يتسلموا فيه المبالغ المالية المقترحة عليهم، عمل يجب التنويه به وترويجه على نطاق واسع من أجل تشجيع باقي الأمنيين والموظفين على مثل هذه المواقف.
النزاهة في العمل أمر مطلوب وبديهي لا يجب في الحقيقة التباهي به، لكن أمام الإغراءات والوضعية المادية والظروف التي يشتغل فيها بعض رجال الأمن والدرك وباقي المصالح الموكول إليها حماية أمن البلاد،فإن العمل بنزاهة أصبح أمرا موجبا للتنويه ومثلا يحتدى به.
في كل عمليات الفساد والرشوة والابتزاز، يكون المواطن المغربي هو الضحية، إذ بالرغم من أنه طرف في الموضوع، إلا أن النفوذ والسلطة اللذين يتمتع بهما الطرف الثاني يطغيان على العملية برمتها، لذلك لا نريد أن تصبح النزاهة هي الاستثناء في وقت يعم فيه الفساد، بل يجب أن تكون هي القاعدة، وذلك لا يمكن أن يتم إلا بانتباه الإدارات العمومية لموظفيها وسلوكهم اتجاه المواطنين.
الكاتب : | محمد أبويهدة |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2012-09-03 00:27:41 |